Wednesday, December 14, 2011

تأمل

علمني الشُّيوخُ منذُ حداثتِي أنْ أتشبثَ بالأرضِ والسَّماءِ لألاَّ أتعثرَ، ولفترةٍ طويلةٍ بقيتُ طفلاً، ولفترةٍ طويلةٍ ارتكزتُ على هذهِ العكازة. لكنَ الأبديَّةَ في لحظةٍ فاضَتْ في داخلي، فشعرْتُ أنَّني غريبٌ في العالمِ. كُسرتِ السَّماءُ والأرضُ إلى اثنتين كقصبةٍ واهيةٍ في يدي.

يا ربُّ، يا قوتي، كم فارغة هي السَّماءُ والارض؟ تبدوان كأنَّهما مصنوعتانِ من الرَّصاص لكنهما تتبخرانِ بين اليدينِ في حضرتِكَ، بقسوتِهنَ يُخفنَّ ضعفهنَ؛ ليخشى الأطفالُ الجُهلاءَ.

اغربِي عن وجهي أيَّتها الشَّمسُ والنُّجومُ، اعزِلوا أنفسَكُم من الأرضِ. لا تغرنِي يا نساءُ ولا تجذبونِي يا أصدقاء! أيَّ مساعدتٍ أستطيعُ أن أحصلَ عليها منكم؟ يا من تتقدمونَ في العمرِ وتغرقونَ في القبرِ دونَ مَن يُساعد. كلُّ هداياكم هي كالتُّفاحةِ الَّتي تحتوي على دودةٍ في قلبِها. كلُّ جرعاتِ سحرِكُم قد عبرَتْ في أحشاءِ البَعض مراتٍ عدَّةٍ. كلُّ ثيابِكُم هي شباكُ عنكبوتٍ يسخرُ منها عريِّ. ضحكُكُم هو إعلانٌ للأحزانِ، من خلالِهِ يصرخُ ضعفُكُم إليَّ للمساعدةِ.

يا ربُّ، يا قوتي، كم هي السَّماءُ والأرضُ ضعيفتانِ! كلُّ شرِّ البشرِ تحتَ السَّماءِ هو استسلامٌ للضّعفِ والعجزِ، القويُّ فقط يجرؤُ على عملِ الصَّلاحِ، الَّذي ينامُ في قلبِكَ يعرفُ الرَّاحةَ، الَّذي يزرعُ تحتَ قدميكَ يحصدُ ثمارَ عملِهِ.

طفولَتي المملؤةُ بالخوفِ والجهلِ انتهتْ، وأملِي في الأرضِ والسَّماءِ تلاشى. الآنَ أنا محدِّقٌ إليكَ وأتشبثُ بكَ لتنظرَ إليَّ يا مهدِي وقيامتِي.



القدِّيس نيكولاي فيلاموفتش

No comments:

Post a Comment