Wednesday, December 14, 2011

يسوع المسيح هو شخص وليس نظرية


هناك نوعان للمعرفة، الأولى هي دراسة الكتب والإبحار في علوم النظريات العقلية. هذا النوع من المعرفة ينطبق على العلوم الحيوية والطبيعية وغيرها من علوم النظريات والفرضيات والحقائق العلمية. لكن هذا النوع من المعرفة يفشل في التعرف على الأشخاص. إن معرفتنا لشخص ما من خلال الكتب والأفكار التي كتبت عنه لا يعطينا إلا انطباع الكاتب الخيالي والنظرية التي كونها عن هذا الشخص. إن هذه المعرفة تختلف عن معرفة الشخص ذاته. إن مقابلة الإنسان شخصياً تقدمه لنا بصورة كاملة، وكلما أمضينا وقتاً أكثر مع الشخص نفسه، زادت معرفتنا الشخصية به، هذا هو النوع الثاني من المعرفة وهو معرفة الأشخاص بطريقة شخصية لا نظرية.

إن الإله المتجسد، يسوع المسيح هو شخص لا نظرية يكونها الناس في عقولهم. إن أي نظرية فكرية كونها أشخاص من خلال قراءة الكتب والتأمل العقلي فقط ما هي إلا صنم في عقل مكوني النظرية، وهي لا تمت بصلة لإلهنا الناهض من بين الأموات. قال الرب لتوما: تعال لتنظر و تعاين (يو 20: 27) ونحن أيضاً مدعوون لننظر ونعاين المسيح ناهضاً من بين الأموات; مدعوون أيضاً لننظر ونتعرف على شخص الإله المتجسد، ليس من خلال كتب ونظريات فحسب بل من خلال معاينة الناهض من بين الأموات شخصياً.

إن المسيح هو نور العالم (يو 18: 20), لمعاينة المسيح لا بد لنا أن نقترب من النور ونبتعد عن الظلمة، ظلمة الخطيئة التي تحجبنا عن المسيح. إن قلبنا هو كغرفة زجاج شفافة، إلا أن الخطيئة هي السواد الذي يغطي جدران هذه الغرفة ويحجب النور من الدخول. فالخطيئة هي رفضنا للنور وعيشنا في الظلمة. ونحن باتخاذنا القرار للسير في طريق المسيح وبدؤنا بتنظيف جدران غرفة قلوبنا من سواد الخطيئة، يبدأ النور بالدخول، ونبدأ بالعيش مع المسيح ومعاينته. كلما أزلنا سواداً أكثر استنرنا بنور المسيح أكثر وبالتالي زادت قدرتنا على إزالة سواد أكثر، إلى أن نصل إلى البياض الناصع والاستنارة الروحية الكاملة ونعاين المسيح كما عاينه القديسون, كما عاينه موسى على الجبل والتلاميذ في طابور وبولس في طريقه إلى دمشق.
أما كيف نزيل السواد، فيخبرنا الشيخ المغبوط برفيريوس الرائي عن طريقتين، الأولى صعبة والثانية سهلة. الطريقة الصعبة هي بمواجهة الشهوات والانتصار عليها. إلا أن هذه الطريقة غالباً ما تفشل، لأن مجرد التفكير في الشهوات والخطايا يجعلنا نسقط في فخاخ إبليس. أما الطريقة السهلة فهي تحويل كل تفكيرنا إلى المسيح واشغال أفكارنا في أقواله وتعاليمه. يقول الشيخ المغبوط: "إن انشغالنا الدائم في كلام الإنجيل وحياة القديسين وتراتيل الكنيسة تجعل الأفكار الآثمة تهرب إلى الأبد". إن محبتنا للمسيح وحضوره في فكرنا تجعل طريقنا طريقه وحياتنا حياته، فتهرب الخطيئة ويصبح هو السيد على حياتنا ويملأ نوره غير المخلوق قلوبنا مما يجعلنا نعاينه شخصياً ونتعرف عليه لا من كتب ونظريات فحسب بل من خبرة كخبرة القديسين. فهلموا بنا لنأخذ الخطوة الأولى ولنجعل المسيح هو المبتغى الوحيد في حياتنا. هلموا بنا نتعلم الترانيم الكنسية والصلاة القلبية. هلموا نتحد بالرب بتناول جسده الطاهر ودمه الكريم. ومن هذا اليوم وهذه الساعة وهذه اللحظة فلنقدم حياتنا للقدوس الناهض من بين الأموات الذي هو مبارك مع أبيه وروحه الكلي قدسه ونعاينه شخصياً ونشاركه مجده ونعمته، آمين.

No comments:

Post a Comment